ماتخافش.. لسه فيه وقت.. معكم سندردش حول الأسباب الخاطئة التي تجعلنا -جميعا- نقع في الحب، وجميعا هذه مقصودة لأن معظمنا لابد وأنه خاض تجربة حب خاطئة.. وجه مشاعره في الاتجاه الغلط بفعل عوامل كثيرة للضغط عليه.. والواحد منا حينما يكون خارجا للتو من تجربة حب فاشلة، ومعرضا لضغوط الأهل، وعذابات الوحدة، يبدو أشبه بأسفنجة ممتلئة بالماء.. فور أن يضغط عليها أحد سرعان ما تسيل منها المياه.. وتتدلدق منها المشاعر!
ركز معانا.. وشوف كده إنت وقعت في غلطة من دول قبل كده ولا لأ؟؟ بس خليك صريح.. أزعل قوي لو كدبت.. ياراجل ماحدش واخد منها حاجة غير الكلام الحقيقي اللي طالع من القلب..
الكارثة في.. قوانين "نيوتن" العاطفية!
خارج أنت للتو -للتو يعني من كام ساعة يعني!- من قصة حب فاشلة.. بعدما اتفقتما على كل التفاصيل حتى أدقها.. اكتشفتما فجأة أنه "ماينفعش نكمل!".. وكانت النتيجة الوحيدة لذلك هو أن اتخذ كل واحد فيكما الطريق المخالف.. وبكرة لما تروح الشغل.. هيكون الموقف سخيف جدا.. زميلتك إياها هتبص لإيدك اليمين ولما ماتلاقيش الدبلة في مكانها.. هتقرب منك وفي عينيها فضول الدنيا كلها وهتسألك "إيه.. باظت؟، يا حرام!"، وصاحبك الأنتيم هتتصل بيه عشان تنزلوا مع بعض وترفه عن نفسك شوية هيعتذر لك وهيقول لك "معلهش يا زعيم.. أصل أنا نازل النهارده مع "سوسن" خطيبتي.. خيرها في غيرها يا لورد"!
حتى مامتك هتلاقيها بتبص لك وإنت داخل أو خارج من البيت نظرات كلها شفقة وبتمصمص شفايفها وبتقول "يا ولداه عليك يا ابني.. قفاك يقمر عيش.. ماشي كده لوحدك زي زعزوعة عود القصب.. لا حبيبة تهنيك.. ولا واحدة تسأل عليك!".
حتى لما تبص على النتيجة هتكتشف إن العالم كله متآمر عليك، النهارده بالظبط كملت الثلاثين سنة.. وخارج من قصة حب فاشلة.. والناس كلها حواليك بتعيش أحلى قصص حب وإنت قلبك من جواه فاضي ومجروح ومكسور ومتدشدش.. يبقى الحل إيه؟!
***
لكل فعل رد فعل مضاد له في الاتجاه ومساو له في القوة.. ده "نيوتن" اللي بيقول كده.. يعني عاوزيني أكذب الكلام اللي بيقوله العلم كمان؟!
***
بعد كل هذه الضغوط ستتهاوى كل قدراتك المناعية.. خاصة مع انتقال الأهل من مرحلة الشفقة إلى مرحلة الزن على ودان -اللي هو سيادتك عادة- أمر من السحر.. "مالها بنت خالتك فتاكات".. "مالها بنت عمك جنات".. تدريجيا تتهاوى قدراتك.. ويبرز "نيوتن" بقانونه الثاني الشهير.. وينتج منك رد الفعل.. الذي ربما ليخرق القاعدة العلمية ويكون في نفس الاتجاه وبدرجة قوة أكبر.. ولتريح دماغك من هذا الصداع.. وللهروب من نظرات الأهالي التي تشعرك بأنك قد كبرت وبلغت التسعين من عمرك.. تأخذ القرار الكارثة..
"خلاص اختاروا لي واحدة وأنا ارتبط بيها.. ارتحتم؟!"
ولنا هنا وقفة -مش طويلة يعني ماتقلقكش- خلينا أولا نتفق على كذا حاجة...
إنه مش عيب خالص إنك تخلي أهلك أو أقرباءك أو حتى أصدقائك -مش السوء يعني!- إنهم يرشحوا لك حد أو حداية -عشان تبقى الأمور واضحة!- هم شايفين إنها مناسبة ليك.. لكن العيب كل العيب.. والكارثة أم الكوراث إن ده يحصل وإنت بتتحرك تحت ضغوطهم عشان تتجوز.. يعني ماتعملش ده عشان تريحهم وخلاص.. الأمر ذاته موجود لدى البنات.. بل وربما يكون بنسبة أكبر بكتير من الأولاد.. لأنه إذا كان المجتمع ينظر للولد الذي تجاوز الثلاثين ولم يتزوج على أنه خلاص ماعادش فيه رجا وهيعيش راهب طوال حياته!، فإن البنت التي تتجاوز الحادية والعشرين ولم تشنكل أحدا فيها هي في نظر المجتمع والأهل والناس والحكومة كمان "عزبتة".. عانس يعني ولا مؤاخذة.. وممكن تتحول إلى إرهابية وتفجر نفسها في أقرب وقت عشان تخلص من العيشة الفقرية دي واللي عايشنها!
طبعا كل الكلام ده تحط عليه علامة X كبيرة جدا.. واوعاك -الكلام للطرفين ولاد وبنات- تقدم على جوازة بفعل تأثير قوانين "نيوتن" العاطفية اللي بتتكون من تأثير وضغوط الأهل والأقارب.. لأنك لو عملت ده مش هتدخل تاريخ العلوم من أوسع أبوابه زي ماحصل لـ"نيوتن".. بالعكس إنت هتدخل باب "التعاسة التاريخية" من أتخنها باب.. "ما بني على باطل فهو باطل".. والحب المبني على زن الأهل باطل.. والحب المبني على ضغط الأصدقاء ونظراتهم المتلونة بالشفقة.. محكوم عليه بالإعدام.. لأنهم من الممكن إنهم يكونوا شايفين إن زواجك من فلانة الفلانية أو العكس نعيم وجنة لك وهو نار وجحيم لك.. في الحب مافيش استعانة بصديق.. اسمع في الأول لصوت مشاعرك وبس.. لاقيت المؤشر بيتحرك وبيتجه ناحية الهدف -قلب تاني-.. تمام كده.. يبقى تبدأ في الدخول في التفاصيل التانية.. وتشغل مخك.. وتشارك أصدقاءك وأهلك الفرحة.. كده الأمور تمشي صح.. وعمرك ما تغلط وتقع في الحب بفعل قوانين "نيوتن".
اللي أوله alone... آخره ضلمة من غير لون!
حتما ولابد مر عليك اليوم ده..
فجأة اكتشفت إنك وحيد قوي.. وحيدا جدا.. قاعد في أوضتك وبتبص يمين وشمال مش لاقي حد جنبك..
يومها عرفت شعور الحبس الانفرادي اللي بيتعاقب به المساجين إذا خرجوا عن نظام السجن..
الصعب في الأمر إن الشعور ده ممكن يهاجمك وإنت وسط الناس.. إنت معاهم بس هم مش معاك.. عايش إنت في حياتهم.. لكن مافيش حد عايش معاك حياتك..
لو إنت كويس كده وزي الفل مش هتستسلم للحالة الكئيبة دي.. هتدور على أي حاجة تخرجك من مود الكآبة ده.. تعمل إيه..؟ تعمل إيه..؟ تخرج للشارع.. تشوف نفس الوجوه.. طيب نروح سينما "يعععععع.. نفس الإفيهات الرخمة في كل الأفلام".. تغير جو وتروح تقعد على قهوة ولا كافيه.. برضه نفس الوشوش والناس اللي باين إنها فرحانة من بره بس ماحدش عارف هي كده من جوه ولا لأ؟
شوية بشوية هيجي لك شعور بإن الوحدة دي مالهاش علاج غير ولا مؤاخذة صاحب الجلالة.. الحب.
ويبقى السؤال الصعب هنا.. هاحب ازاي.؟ وقبل كده هاحب مين؟
في الأوقات الصعبة دي.. هتفتح خزانة ذكرياتك.. صحيح هتلاقي القفل معصلج شويتين بس لو استلفت الشاكوش من عند أي واحد نجار وبضربة واحدة قوية هتنفتح الخزنة... ووسط التراب وخيوط العنكبوت.. هتلاقي فيه شخصيات لسه ساكنة في الخزنة.. هتسأل نفسك "هيحصل إيه دلوقت لو أنا رجعت أتصل بـ"رنا" من جديد؟".. ياترى هتفتكرني.. هو احنا بقالنا صحيح ييجي 3 سنين ماشفناش بعض.. بس احنا قربنا من بعض قوي أيام الجامعة.. خلاص هاتصل وزي ما تيجي تيجي...
"أنا بحبك أكتر!".. يا محاسن الصدف.. الأغنية دي بتشتغل أول ما بارن عليها.. مش قلت لكم لسه بتحبني!
بدلع: ألو...
برهبة: "رنا" .. أنا.. "حسام".. "حسام مدحت"...
بفرح: "حسام" ازيك.. فينك واحشني
بفرح شديد: طيب نتقابل..
أكيد.. فين؟
ودي عايزة سؤال في نفس المكان.....
***
وهتقابل "رنا" ومش بعيد إن هي كمان كانت تعاني من كونها alone بقالها فترة طويلة.. وهوب.. مرة فمرة فمرة.. كل واحد فيكم يتخيل أنه وجد نصف قلبه المختفي.. وهذا الشعور رغم أنه زائف إلا أنك ستجد من يؤكده لك.. ستشغلك حتما "رنا" لفترة وستنشغل هي بك.... هتعيش لك كام يوم حلوين -ده أكيد-.. سيقل تدريجيا الشعور بالوحدة يوم ورا يوم.. لغاية ما يوصل في يوم لأقل مستوياته.. وفي اليوم ده.. خلاص.. هتبدأ رحلة النهاية في البدء..
***
بلهفة: أيوه يا "حسام" مش هاشوفك النهارده؟
بزهق لا تعرف له مبرر: لأ معلهش ماليش مزاج أنزل.
بعصبية: دي تالت مرة أطلب منك إنك تنزل معايا وإنت تتهرب.
بعصبية أكثر: هو كده بقى.. مافيش حد بينزل غصب عنه.
تبدأ في النهنهة: واضح إنك مابقتش تحبني فعلا..
تجيب آخرك وإنت بتقول لها: ومين قال إني حبيتك أصلا!
***
ما الذي حدث؟ أين ذهبت لهفتك واشتياقك للقائها؟
ذهب مع الريح يا سيد.. لأن الحب الذي يقوم على إشباع رغبات الوحدة والعزلة فقط لا وزن له.. هو بثقل الريشة.. مع أول نسمة هواء خفيفة يتحرك من مكانه ولا يستقر في القلب.. هو حب مضبوط على timer.. وموصل ببطاريتين لا يحتويان إلا على شحن كهربائي ضعيف.. والكارثة أنها بطاريات غير قابلة للشحن.. فور انتهائها تفسد ولا مكان لها سوى الركن على الرف والفرجة عليها.
لأن هذا الحب غير حقيقي حتما حتى ولو طال الوقت سيجيء لك شعورا بالملل، وبالزهق وبأن هذا الحب ليس هو ما تبحث عنه.. ستكتشف أنك تعاملت مع الحب ومع التي أحببتها كـ"مضاد حيوي" للعزلة، يفقد أهميته وتأثيره فور أن تسترد عافيتك ويزول عنك الشعور بالوحدة.
الكارثة ليس فيما حدث.. الكارثة فيما هو آت..
إذ سيخلف ذلك وراءك قلبا معذبا تفتت لألف قطعة.. هو قلب من أوهمته بالحب والأمر بالطبع ليس كذلك..
والأمر لن يتوقف عند ذلك فحسب.. بل ستصاب أنت بالاستياء من نفسك.. وستشعر بكثير من عدم الرضا تجاهها.. وستبذل وقتا وجهدا كبيرين حتى تتصالح مع نفسك وتعود إلى طبيتعها مرة أخرى.. في ظل هذا الجو الكابوسي.. ربما –دعنا لا نقول أكيد- يهاجمك من جديد الشعور القاتل بأنك وحيد. وأنك غريب.. ومعزول عن هذا العالم.. يعني ما سعيت للخروج منه عدت إليه من جديد.. م الآخر.. اللي أوله alone آخره ضلمة من غير لون! يبقى تعمل في نفسك كده يا ابني ليه بس؟!
الحب التايواني.. والصيني..
لا يوجد أفضل من الياباني!
هذا أحد أشهر أسباب الوقوع في الحب بطريق الغلط.. حتى نعرفه عن قرب نحتاج أولا أن نذهب في جولة إلى شارع "عبد العزيز" الشهير بأنه مركز رئيسي لبيع الأدوات الكهربائية الأصلي منها.. والمضروب!
هناك -في شارع "عبد العزيز" خليك فاكر- ستجد هيصة وزحمة والكل ينادي على بضاعته.. وستجد الجميع يبذل قصارى جهده في أن يجذب الزبون بشتى الطرق والوسائل للدرجة التي تجعلك تتخيل أن بعض الباعة -من كثرة الزعيق والمنادية- ليسوا سوى حنجرة متركب عليها إنسان!
بعيدا عن هذه الهيصة.. ستجد صاحب هذا المحل هو الوحيد الذي يجلس بهدوء أمام محله.. واضعا قدما على قدم منتظرا في رزانة وثقة زبائنه.. ليه بقى..؟ لأنه المحل الوحيد الذي يبيع أدوات كهربائية يابانية مية بالمية.. كل التجار الآخرين يبيعون أدوات كهربائية تقليد.. بعضها مصنع في تايوان وبعضها الآخر مصنع في الصين.. ورغم الزحمة -التي غالبا ستجدها أمام أصحاب المحلات الذين يبيعون بضائع مقلدة-.. ستجد أن صاحب البضاعة الأصلية يأتي إليه زبائن من كل حتة في مصر لأن الكل دوما يبحث عن "الأصلي"، فإذا كنا نفعل ذلك في الأدوات الكهربائية أليس من الأولى بنا أن نبحث عن حب أصلي.. ياباني وليس حب تقليد.. تايواني أو صيني؟!
أما الحب الأصلي فهذا الذي يأتي في موعده تماما ودون سابق إعداد أو تخطيط، لا يأتي إليك لأنك تبحث عن حب أو لأنك تعاني من وحدة أو كبرت في السن.. ولا يأتي مطلقا لأنك تريد أن تقلد من حولك.. كل أصحابك الأقربين يعيشون قصص حب ملتهبة -نصفها تعلم تماما أنه كذب بس مايضرش!-.. قصص الحب تطاردك على شاشات السينما وفي صفحات الروايات وحتى على الكباري ومحطات المترو والأتوبيسات. سيخيل لك أن العالم كله يحب وأنت الوحيد الذي لا تنبت في قلبه زهور العشق.. من قال لك هذا؟!
من قال لك إن كل قصص الحب هذه حقيقية مائة بالمائة.. يابانية أصلية.؟!
لا تنخدع بتشابك اليدين أو نظرات الهيام التي تراها منتشرة أمامك في كل مكان.. لا يوجد حقد على المحبين.. لكنه فقط نظرة موضوعية.. صدقنا لو كل قصص الحب تلك التي تراها أمامك هي قصص حب أصلية فما كان هناك مكان للتعساء في هذا الكون.. ولأنك ولأني نعرف وندرك أنه لا يوجد في هذه الدنيا أكثر من المعذبين والتعساء فعليك أن تدرك أن وقتك فقط لم يحن بعد.. لا تزال شحنة الحب اليابانية قادمة في الطريق..
فلا تتعجل وتشتري بقلبك حبا تايوانيا مقلدا.. لا تبحث في قصص الحب الموازية التي ترى أصدقاءك يعيشون فيها عن حب لك.. لا تتصنع قصة حب مع البائعة في السوبر ماركت أو زميلتك في العمل حتى تقلد الآخرين، وحتى تقنع نفسك بأنك كويس أهه زيهم.. تحب وتتحب.. آفة الحب أن يكون مقلدا وليس أصليا.. أن يكون مصطنعا وليس حقيقيا.. لأنك لو وقعت في قصة حب مثل هذه فلن تعمر معك كثيرا.. وهي قصص حب لا تصلحها قطع الغيار... كل ما ستجلبه لنفسك ولغيرك مزيدا من التعب ووجع القلب.. مش كنت استنيت الحب الياباني أحسن؟!